السبت، 3 يونيو 2017

البرنامج الرمضاني "فسيروا" رائع ولكن..



شاعت في الآونة الأخيرة برامج علمية عربية ساهمت في تبسيط شتى أنواع العلوم، وأصبح إقبال الناس عليها مؤشرا مطمئنا على ارتقاء ثقافة المجتمع. ومع الأجواء الروحانية الجميلة والمشاعر الإيمانية المنتشية كان لا بد من ظهور برنامج رمضاني يجازف بمزج الدين والعلم. هذا البرنامج هو "فسيروا" للقارئ الجميل فهد الكندري، وهو برنامج رائع بكل المقاييس لولا التطرق لموضة الإعجاز العلمي.

البرنامج يدعو في المقام الأول إلى التفكر في خلق الله تعالى، ولا شك أن التأمل في الكون هو الشاهد الأعظم على قدرته سبحانه. لكن التأمل والتفكر شيء والإعجاز العلمي شيء آخر. عندما ننظر إلى خلق الإبل مثلا، ونتأمل في كل تفاصيلها، من جمالها ومشاعرها واختلافها وتحملها ومنافعها وبروكها وحركتها، فإننا نستشعر بذلك القدرة الإلهية في صنعها. وعندما نضيف إلى ذلك منظورا "تأمليا" جديدا من خلال العلم الحديث، فإن تفكّرنا في مناعة الإبل وجزيئاتها وخلاياها وذراتها وحمضها النووي وشفيرتها الوراثية، يزيد ذهولنا من عظمة خلق الله. هذا الإقحام للعلم التجريبي أمر محمود دون شك، لأنه يمثل نظرتنا الشخصية إلى الواقع. أما في الإعجاز العلمي، فإننا نتعامل مع الآيات القرآنية على أنها مصدر الحقائق العلمية، نربط الآيات الإلهية الصحيحة الثابتة بمنهج علمي وضعي خطّاء متغير.

إحدى حلقات برنامج "فسيروا" تحدثت عن الحديد وكانت بمجمل تفاصيلها رائعة، تدعو إلى التفكر عميقا في خصائص وفوائد هذا العنصر الكيميائي، وهو أمر يزيدنا قربا من الله دون شك. لكن ما أفسد الحلقة هو ربط قوله تعالى "وأنزلنا الحديد" بآخر الاكتشافات العلمية، أو بشكل أدق بما نملكه اليوم من اكتشافات ناقصة. قال د. زغلول النجار إن الأرض تشكلت من انصهار كومة رماد بسبب ارتطام النيازك، ومن هنا أتى الحديد (رغم أن هذا يعني أن كل شيء أتى من الكون، وليس عنصر الحديد فقط)، وذلك يتوافق مع فهمه للآية، لذا فهو إعجاز علمي.

أين المشكلة في أن يكون معنى الآية كما جاء في كتب التفسير أن أنزله تعني أنشأه وجعله؟ الحديد المعروف عند القدماء هو أكسيد الحديد (خام الحديد) وليس عنصر الحديد الذي فصلته الكيمياء الحديثة! يمكن أن يتحول عنصر الحديد إلى أكسيد بتفاعله مع الهواء في الأرض. وهذا لا يتناقض أبدا مع تفسير الآية.

الأهم من ذلك، هل كان علينا انتظار اكتشاف نيوتن للجاذبية وبيكريل للنشاط الإشعاعي ورثرفورد للذرة وهوند لنفق ميكانيكا الكم وأتكنسون وهوترمانز للاندماج النووي حتى نفهم مغزى الآية؟ كل تلك التجارب تمت بسبب قرارات السياسيين بتحويل جزء من أموال ضرائب الأوروبيين إلى الأبحاث العلمية، فهل كنا بحاجة إليها لنعي معاني القرآن؟

الإعجاز الحقيقي نراه في التأمل والتفكر والتدبر في خلق الله، وليس في توافق ورقة علمية كتبها روبرت أتكينسون مع فهم د. زغلول النجار. أخيراً أدعو إلى مشاهدة هذا البرنامج لما فيه من فائدة كبيرة، ولكن بمتابعة نقدية لا تصدق كل ما تسمع، وتحكّم عقلها قبل تكوين أي قناعة. هذه صفة ضرورية لنهضتنا.

هناك 4 تعليقات:

  1. Very interesting

    ردحذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  3. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  4. ليس كل من استخدم المصطلحات العلمية بأنها صحيحه بعضها تفتقر الادلة الناتجة من المنهج العلمي

    ردحذف